إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.
كتاب الروض المربع الجزء الأول
92997 مشاهدة
الركاز يستثنى من بلوغ النصاب

فإن نقص عنه فلا زكاة إلا الركاز.


يستثنى من ذلك الركاز؛ الركاز يأتينا أنه ما وجد من دفن الجاهلية؛ المال المدفون الذي عليه علامة الكفار, وُجد مدفونا؛ فإنه يُخرج منه الْخُمُس، ويعتبر كأنه غنيمة, يخرج منه الخمس ولو كان قليلا، لا يشترط له النصاب كما لا يُشترط في الغنيمة النصاب. إذا غنموا من الكافرين شيئا فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى يخرج منه الخمس.
أما غير الركاز فلا بد أن يبلغ نصابا ولا فرق فيمن يملكه بين أن يكون مُكَلَّفا أو غير مكلف؛ فمال الصبي فيه زكاة، ومال اليتيم فيه زكاة؛ لأن الزكاة تتعلق بالمال, ليست تتعلق بالمالك، ولأن الفقراء ينظرون إلى هذا المال، ويقولون: لنا حق في هذا المال، ولا ينظرون إلى مالكه، لا يهمهم مَنْ يملكه من صغير, أو كبير, أو يتيم, أو غيره ما دام أن هنا مالا فإنهم يتطلعون إلى حقهم فيه؛ فلذلك تجب الزكاة في أموال الأيتام والصبيان ونحوهم، هذا هو القول الصحيح.
هناك قول لبعض الحنفية يقولون: لا زكاة في مال اليتيم, ويقولون: إن الزكاة عبادة, ويقولون: لا زكاة في أموال الصبيان لأن العبادة لا تجب عليهم كما لم تجب الصلاة لا تجب الزكاة، والصحيح أنها تجب وقد كان علي -رضي الله عنه- يُخرج الزكاة من أموال بني جعفر أولاد جعفر أخيه يخرج الزكاة من أموالهم وهم أيتام، وعائشة تتولى أموال أخيها -أموال أيتام أخيها- محمد بن أبي بكر وتخرج الزكاة منه وغير ذلك؛ فدل على أنها تُخْرَج من أموال الأيتام والصغار ونحوهم. نعم.
.. من الكفار .. من أموال الكفار الذين إذا غنمنا أموالهم حلَّتْ لنا .. لا، لا بد أن يكونوا ممن تَحِل لنا غنائم أموالهم هذه هي علامة الكفار. .. الأموال الموقوفة؟ ولا زكاة في الوقف ؛ لأن مصرفه كله يصرف في الخير ووجوه الخير. نعم.